-->

Thursday, September 17, 2015

مقالة عن وجود الله

مقال عن وجود الله


مقالتي هذه ستكون عن وجود الإله المطلق اي الله بالنسبة للمسلمين فنحن نعلم جيدا أن المسلمين يؤمنون إيمانا لا غبار عليه أن الله هو لا نهائي الصفات و هذا يعتبر من البديهيات الدينية في الكتب السماوية ما يجعلهم يتملصون من المشاكل الفلسفية كسؤال الصخرة (هل الإله يستطيع خلق صخرة لا يقدر هو على حملها ؟) فإذا كان الإله محدود القدرات و هذا ما لا يريده الإنسان المؤمن عندها تسقط الإدعاءات بأن الإله خارج الإستيعاب و خارج الفهم و الإدراك لكن المشكلة هنا أنك تجد بعض الملحدين المتشدقين ينفي وجود الإله فقط لأنه توصل إلى أن الله يستحيل أن يكون لا نهائيا و تجده يستدل بالطرح القديم الخاص بالفيلسوف الإغريقي "أبيقور "عن قدرة الإله أنه إن كان قادرا على كل شيء فهل يستطيع خلق من هو أقوى منه فإن هو استطاع ذلك فلن يهزم الكائن الأقوى منه و بالتالي تنتهي مسألة القدرة اللانهائية لله و هذا الطرح سفطائي نوعا ما لأن الكائن الأقوى من المالانهائية هو قيمة غير معرفة فما لانهائية هنا تحمل العديد من التعريفات فهي ليست شيئا كثيرا جدا و لكن بتعبير أدق هي ما لا ينبغي و لا يصح أن يكون هناك قيمة أكثر و أعلى منها ..
فالملحد هنا لم يفهم جيدا تعريف المالانهائية لذلك تجده يتغنى بأن الله لا يمكن أن يكون لا نهائي القدرة و هذا راجع الى عدم الفهم لا أكثر ..
لنخض قليلا في مسألة المالانهائية كي نستوعبها جيدا
تنقسم الكميات العددية في الرياضيات إلى "كميات معرفة" و "كميات غير معرفة".
عندما تجمع 1 + 1 يكون ناتج الجمع 2 الرقم 2 هنا هو رقم محدد
و معروف قيمته و أيضا "معرف كمياً".
ما معنى معرف كمياً؟ أي أننا نعرف ما هو أكبر منه (3 مثلاً) و معروف ما هو أصغر منه (1)، و معروف هو ناتج جمع كم مع كم و قسمة كم على كم، و بالتالي يمكن تحديد موقعه في سلسلة الكميات المعرفة. بمعنى آخر، الرياضيات تعترف بوجود رقم اسمه 2 و تعترف بجميع العمليات الرياضية المتعلقه به.
بالنسبة للكمية غير المعرفة فهي قيمة "غير معرفة كمياً", فهي ليست غير معترف رياضياً بكميتها فقط و لكن باستحالة إمكانية وجود هذه الكمية من الأساس . و تسميتها بـ"كمية" يعطي الإنطباع أنها موجودة و لها خصائص معينة و مختلفة. إلا أنها ببساطة شديدة جداً "مثل العدم"هو الشيء الذي لا وجود له
مثال مبسط : (زيد) هو أطول تلميذ في هذا الفصل. (إذاً التلميذ الأطول من زيد في هذا الفصل هو كمية غير معرفة). صحيح أنه يمكن التلفظ بلفظة "التلميذ الأطول من (زيد) في هذا الفصل". و لكن هذا ليس معناه أنه هناك فعلاً من هو أطول من (زيد) في الفصل.
يمكنك أن تطرح أسئلة مثل "ما هو لون الملل؟" أو "ما هي رائحة الدهشة ؟ " أو "هل يعجز الله عن حمل صخرة؟" التركيب اللغوي هنا سليم الى حد ما و لكن هذا الكلام ببساطة ليس له معنى لأن لون الملل كمية غير معرفة، و رائحة الدهشة كمية غير معرفة أيضا، و الطالب الأطول من (زيد) في هذا الفصل كمية غير معرفة، و الرقم الأكبر من المالانهاية كمية غير معرفة، و الصخرة التي لا يستطيع الله حملها هي كمية غير معرفة ايضا .
فليس لأنك صغت الجملة صياغة صحيحة يجعل معناها أيضا صحيحا ..
فنحن عندما نقول أن الله لا نهائي القدرة
فهذا يعني أن الاشياء التي لا يستطيع الله القيام بها هي أشياء غير معترف بها من حيث القيمة ..
ملاحظة فهمك للذات الإلهية اللانهائية مبني على فهمك لمبدا المالانهائية اي انك إذا لم تستوعب ما شرحته عن هذا المبدأ فستجد صعوبة في فهم ما أنا بصدده الآن و قد تجد في كل مرة تذكر فيها كلمات " كمية غير معرفة "
هو في غاية السخف .
لكي نفهم طريقة تصرف الإله اللانهائي، يجب أولا أن نفهم أن هذه الصفات هي المنبع الرئيسي و الوحيد لكل التصرفات
إذا كنت شخصا جيدا فالمتوقع أن تصدر منك أفعال أو سلوكات جيدة او إذا كنت مثلا شخصا كريما فالمتوقع منك ان تخرج صدقات كثيرة أي ان صفاتك هي المنبع الرئيسي و الوحيد لتصرفاتك ..
و لفهم الطريقة التي يجب بها ان تتصرف الذات الإلهية يجب أولا جرد الصفات التي تتصف بها
عدل، رحمة، كرم، حب، معرفة، حكمة، قدرة، خلق، إلخ ...
و هناك عامل آخر بجانب الصفات ذاتها يتحكم في التصرفات و هو مقدار كل صفة من الصفات
فالكريم مثلا لا يتصرف كالكريم جدا و هما معا لا يتصرفان كأكرم الأكرمين ..
و بالتالي فالمقدار هنا عامل مهم جدا. و هذا معناه أننا يجب أن نأخذ في الإعتبار
الصفات كلها مع مقدارها.
إذاً نحن عندما نتحدث عن الإله اللانهائي،فنقول أن صفاته هي:
رحمة، عدل، كرم، حب، معرفة، حكمة، قدرة، خلق، إلخ.
و كل واحدة من هذه الصفات مقدارها مالانهاية.
و بناءا على ما سبق
فتصرف الإله بشكل ينقصه الرحمة مثلاً هو كمية غير معرفة، أي، لا يمكن أبداً في أي لحظة من اللحظات أن يكون الله غير رحيم حتى لو كان لهذا التصرف مغزى آخر لاحق . و أيضا تصرف الله بشكل ينقصه العدل هو كمية غير معرفة، أي، لا يمكن أبداً في أي لحظة من اللحظات أن يكون الله غير عادل. حتى لو كان لغياب العدل حكمة عليا مستقبلية.
فمن منظور ديني لا يمكن أن ننسب صفة الظلم لله تعالى بسبب خلقه للناس مع علمه المسبق أنهم سيرمون في النار. لأن خلق الله للناس لم يكن "اختياراً" كما يدعي الملحدون، و إنما كان شيء لا بد من حدوثه و ليس معنى هذا أن الله
كان مجبرا عليه .
فمثلاً إذا كنت شخصا كريما، فبناءً على ذلك، أنت تخرج الصدقات. رغم أنك حر و غير مجبر على فعل شيء إلا أنك بحكم كونك كريما فأنت تخرج صدقات للفقراء. فإذا لم تخرج الصدقات و بخلت كان معنى هذا أنك لست كريماً و أننا أخطأنا في تقديرنا لك من البداية عندما اعتقدنا أنك كريم.
الإله كذلك لم يكن مجبراً على خلق البشر، و لكن عدم خلقه لهم معناه أنه إله أناني و غير كريم و غير خالق و "أشياء أخرى كثيرة " كيف تكون عندك القدرة على الخلق و لاتخلق؟ إذاً لماذا أنت خالق؟
و عليه فإن خلق الله للكون هو مدلول على صفاته كما أن اخراج الصدقات أيضا مدلول على الكرم. لا يمكن لشخص كريم ألا يفعل أفعال تدل على كرمه، و لا يمكن لإله كالله ألا يخلق الكون.
و لكن إذا خلق الله البشر، هل من العدل أن يخلقهم مسيرين أم مخيرين و أحرار؟ طبعاً يجب أن يكونوا أحرار.
هل كان الله يستطيع أن يخلقهم مسيرين؟
نعم، و لكن الله عادل (لانهائياً) و من المستحيل أنه يفعل ذلك. إذاً، فخلق البشر مسيرين شيء كان مستحيل حدوثه، و عدم خلق الكون أيضاً شيء مستحيل حدوثه. لأن أي من الإثنين يتعارض مع صفات الله المتفق عليها في تعريفه.
من الخطأ أن نقول: "لماذا كان أمامه الاختيار ألا يخلق الناس الذين سيذهبون للنار و مع ذلك خلقهم؟" لأن الله هنا لا يوضع أمام اختيارات. الله يفعل الصواب من أول مرة و يقرر الشيء الذي لا بديل عنه إطلاقاً من أول مرة. هو خلقهم لأن عدم خلقهم يتعارض مع صفاته.
و بالتالي فإن الله لا يتصرف كالبشر. لأن البشر يفعلون أشياء معينة، و كان من الممكن أن يفعلوا أشياء أخرى. فالبشر يوضعون أمام اختيارات طيلة الوقت فأحيانا يتخدون قرارت صائبة و أحياناً أخرى لا. و هذا لأنهم ليسوا مطلقي الحكمة كالله.
الإله لأنه لا نهائي في كل صفاته، لا يوضع أمام اختيارات أبداً. لا يوجد هناك شيء اسمه "لو كان الله فعل كذا" ... هذا ال"كذا" كمية غير معرفة. الله لا يمكن إلا أن يفعل ما فعل.
الإنسان "كان من الممكن" أن يفعل أشياءا. الاله لا.
توضيح: الله خلق الإنسان حر و مخير لأن الله عادل. و نحن قد اتفقنا أن تصرفات الله الغيرعادلة هي كميات غير معرفة لأن عدل الله لانهائي، إذاً فخلق الله للإنسان بأي صورة يكون فيها غير مخير، هي كمية غير معرفة.
و لكن إذا أعطيت الحرية الكاملة للكائنات من دون وضع قوانين تحكم هذه التصرفات حتى (لا يعم الخراب في الدنيا)، تكون غير حكيم، غير عادل و غير رحيم بمخلوقاتك. إذا لابد من وضع نظام يحكم تصرفات هذه المخلوقات التي تتصرف وفق حرية الإختيار.
هذه من مسؤوليات الله و عدم وضع هذه القوانين يتناقض مع صفاته، و هو أيضاً كمية غير معرفة (). لأن الله عادل و رحيم بمقدار مالانهاية و التصرفات التي تنتج عنه و فيها ولو حتى شيء بسيط من عدم العدل أو الرحمة هي كميات غير معرفة .
هذه من ما اختص الله به من مسؤوليات و عدم وضع هذه القوانين يتناقض مع صفاته، و هو أيضاً يعتبر كمية غير معرفة ,لأن الله عادل و رحيم بمقدار مالانهاية و التصرفات التي تنتج عنه و التي لو كان فيها شيء بسيط من عدم العدل أو الرحمة فهي إذا تنطوي ضمن خانة الكميات ال غير معرفة .
هذه القوانين هي نظام الثواب و العقاب. فلماذا قوانين الثواب و العقاب بالذات؟ لأنها أنسب طريقة قد تحكم بها كائنات حرة الإختيار والتصرف. إذا كان هناك كائن حر في اختياراته، و أردت أن تمنعه من فعل شيء سيء لتحقق العدل، فيجب أن تهدده و إلا لن يعبأ بك مما يجعله يضر بمن حوله. و إذا أردت أن تحثه على فعل الخير، فلابد أن تعرض عليه مكافئة على ذلك ليكون هناك دافع لفعل الخير
بالتالي فهذه القوانين أيضاً تتماشى مع رحمة الله بالناس..
فالتناقض المريع في هذه الصفات يكمن في استحالة حدوث ذلك فلابد للرحمة لكي ( تاخد راحتها مزيان) أن تتواجد ضمن كيان معين بمقدار مالانهاية، أن لا يتواجد في نفس هذا الكيان عدل لا نهائي أيضاً. ممكن أن يكون هناك عدل. و لكن قيمته لا يمكن أن تساوي مالانهاية. العدل اللانهائي و الرحمة اللانهائية أعداء لدودوين. الرحمة اللانهائية تقتضي أن أي نوع من اللارحمة هي كمية غير معرفة.
بمعنى آخر، إذا قيل أن فلان رحيم جدا، إذا فهذا معناه أن معدل رحمته أعلى من الطبيعي، و لكنه في النهاية قد لا يرحم و قد يشعر أن ذلك طبيعي. لأنه رحيم (فقط) و ليس أرحم الراحمين فرحمته هنا قيمتها لا تساوي مالانهاية.
أما إذا كان هذا الشخص، رحمته تقدر بمالانهاية، فوفقاً لتعريف المالانهاية، فإن تصرف هذا الشخص بأي شكل من أشكال اللارحمة هو شيء ليس له معنى و لا وجود له و غير معترف به منطقياً. لأن ذلك يتناقض مع العدل تماماً لأن العدل و بالخصوص ( العدل المطلق بالذات ) وتعريفه هو عدم الإنحياز للخير أو الشر.
يمكننا أن نفترض أن هناك شخصا ما، و هذا الشخص يمتلك عدلاً قيمته مالانهاية.
فحسب ذلك لا يمكن لهذا الشخص أبداً أن يرحم و إذا رحم أحدا فهذا معناه أنه "تجاوز" و التجاوز هنا كمية غير معرفة في عالم العدل اللانهائي.
لهذا السبب لا يمكن أن تجتمع الصفتين بمقدار مالانهاية في كيان واحد أبداً .
الحل الوحيد هنا هو ان لا تكون قيمة أحد الصفتين لا نهائية لكي تفسح المجال للاخرى ان تتحقق و هذا ما لا ينطبق مع الذات الألهية فهي مطلقة الصفات بشكل لا يقبل أن تندرج أحد صفاته في خانة الكميات المعرفة و من هنا نستنتج أنه يستحيل وجود ذات تتضمن صفتين متناقضتين بمقدار متساوي خصوصا لو كان هذا المقدار هو "المالانهائية"
ثم مسألة القدرة "على كل شيء قدير" فكيف لأله قادر على كل شيء ان لا يفعل شيئا و فق مزاجه الشخصي فهو إذا حبيس للنهائية العدل و لا نهائية الرحمة و لا نهائية الحكمة و لا نهائية الحب ولا نهائية الكرم كلها صفات لانهائية
ثم لماذا الخلود في النار؟ ما معنى أن يخلد المذنب في النار الى ما لانهاية بالخصوص أنها نار شديدة الألم الى ما لانهاية ؟ هل في هذا رحمة مطلقة لانهائية؟
الحل بسيط جدا و هو لا يوجد شيء بهذه المواصفات إطلاقا حتى إشعار آخر ...

No comments :

Post a Comment

Powered by Blogger.

All rights reserved Entries 2015

BY: IMAD MAZOZ